" من أسباب دفع العقوبات الالهية عنك وأولادك
من أسباب دفع العقوبات الالهية عنك وأولادك / الصدقة " تحميك من سخط الله وأشياء اخري تعرف عليها؟
: الصدقة
الصدقة : مواساة من المسلم الذي آتاه الله من فضله لأخيه الفقير المحتاج، حيث يشعر الفقير أن له محبة في قلب أخيه المسلم ، والصدقة تأتي في الكتاب والسنة بمعنى الزكاة الواجبة، وتأتي بمعنى التطوع، فإذا كانت مقرونة بالصلاة فهي الزكاة الواجبة. وأما غيرها فيوضحها المعنى السابق لها، ولذا حث الله سبحانه وتعالى عليها، وسماها قرضًا ، فقال تعالى : "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً"[البقرة:245] .
ومما يحتاج إلى التنبيه عليه :
تحريم المن والأذى في العطية : قال تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى" [البقرة:271] فبين أن المن في العطية، وكذا أذية التصدق عليها سبب لإبطالها .
وكذلك استحباب الإسرار بها : قال تعالى : "إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ"[البقرة:271] وإخفاؤها، سبب لإظلال الله عبده يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أقرضته يمينه» [أخرجه البخاري رقم:6806 ومسلم رقم:1031] .
وكذا الإكثار منها : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن ظل المؤمن يوم القيامة في صدقته»[أخرجه الإمام أحمد 4/147/148] .
وتستحب الصدقة في حال الصحة والقوة والنشاط لما روى أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرًا قال : «أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى» [أخرجه البخاري رقم:893 ومسلم رقم:1032] .
هذه بعض الأمور التي يجب أن يراعيها المسلم حينما يتصدق لأجل أن ينال ما وعد الله سبحانه وتعالى في الصدقة، ولأجل أن يظهر في مجتمعنا التنافس والتسابق إلى الخيرات والعمل بالمشروعات الإسلامية في أنحاء المعمورة لنشر الإسلام، وتدمير ما يكيد له أعداؤه .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، جاءه رجل بناقة مخطومة فقال هذه في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة» [أخرجه مسلم رقم:1892] .
فهذا الحديث يشعر بأن صدقته سيزيدها الله سبحانه وتعالى وستتضاعف في ميزان حسناته .
والصدقة كلما كان المسلمون إليها بحاجة كما هو الواقع اليوم، لدفع بعض المشروعات الخيرية إلى الإمام، كانت أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا .
وللصدقات ثمرات في الدنيا والآخرة فمن ثمراتها :
أولًا : إطفاء غضب الرب الذي نحن نلجأ إليه ونتضرع إليه، في أن يرفعه عنا بسبب ما اقترفته أيدينا من المعاصي .
ثانيًا : دفع ميتة السوء : التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» [أخرجه الترمذي رقم 664] .
ثالثًا : إن منع الصدقات يزيل النعم، ويخرب الديار العامرة، كما ذكر الله في قصة أصحاب الجنة المذكورة في سورة القلم قال الله تعالى : "فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ" إلى قوله : "فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ" [القلم:23،24] .
رابعًا : إن منع الزكاة والصدقات سبب لمنع القطر من السماء، قال صلى الله عليه وسلم: «ولا مَنَعوا الزكاةَ إلا حُبِسَ عنهم القطرُ» [ صحيح الجامع ] فالجزاء من جنس العمل، فإذا منع الأغنياء الضعفاء من حقوقهم في أموالهم، منع الله الرحمة والبركة من السماء، وأنه ليحكي واقعنا الذي نعيشه اليوم في كثرة طلب السقيا، ولا نسقى والمنع بسبب ذنوبنا ومعاصينا .
خامسًا : أنها تطفئ عن أهلها حر القبور، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إنَّ الصدقةَ لتُطفئُ عن أهلِها حرَّ القبورِ ، وإنما يستظلُّ المؤمنُ يومَ القيامةِ في ظِلِّ صدقتِه» [ السلسلة الصحيحة] .
سادسًا : أنها العلاج الناجح لجميع الأمراض القلبية والبدنية ، قال صلى الله عليه وسلم «داووا مرضاكم بالصدقة» [صحيح الجامع] .
فما أحوجنا جميعًا لهذا الثمرات – الصغير والكبير والآمر والمأمور، وبالأخص دفع الصدقات إلى من هم محتاجون إليها، بشراء ما يدفع كيد الأعداء عن بلادهم، كمثل الأقليات الإسلامية في جميع أنحاء المعمورة .
=====
" من أسباب دفع العقوبات : الخوف من عذاب الله "
الأمن من مكر الله كبيرة من كبائر الذنوب، لأن الله سبحانه وتعالى قد يمهل العصاة، وله في ذلك حكمة عظيمة، منها :
1- ما أشار إليه بقوله تعالى : "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" [فاطر:45] .
2- ومنها أن الدنيا أمد قصير ومتاع قليل كما قال تعالى : "لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ" [آل عمران:196، 197] .
3- ابتلاء بعض الناس ببعض، كما قال تعالى : "لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ" [محمد:4] .
4- ومنها أن يغتر الظالم بإمهال الله له، فيتمادى في طغيانه، فيكون ذلك أشد عقوبة، وأبلغ في الانتقام منه، وفي الحديث «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم تلا قوله تعالى : "وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" [هود:102] [صحيح البخاري] ، وقال تعالى : "الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" [الفجر:10-13] وقال تعالى : "وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا" [الطلاق:7-9] .
5- ومنها لعلهم يرجعون إلى ربهم، ولا يهملهم بترك العقوبة، والعقوبة قد تأتي على القلوب والأديان بنسيان ما ذكروا به ، قال تعالى : "نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ" [التوبة:67] .
وتأتي تارة أخرى بإفساد الديار العامرة، كعقاب الأمم السابقة، وأخرى بنقص الأموال والأنفس والثمرات والخوف ، قال تعالى : "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ" [البقرة:155] .
هذه الأشياء هي عاقبة لتماديهم في المعاصي، وعدم الحذر من مكر الله، وأن هناك شيئًا جوهريًّا ينبغي أن نأخذه بعين الاعتبار، وهو أن مد الله لعباده رزقهم وإعطاءهم ما يحبون لا يدل على الرضا، وإنما يدل على الاستدراج ! كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال صلى الله عليه وسلم : «إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها شربة ماء» [مسند الإمام أحمد 1/287] .
فتبين لنا أن كثرة عطاء الله إنما هو استدراج وكذا لا يدل على محبة الله لمن أعطاه هذه النعم بدون شكرها . ولنذكر في هذا المقام بعض الآيات والأحاديث الواردة في ذلك :
أولًا : قال تعالى : "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ" [الأنعام:44] أي أخذهم عذابنا من حيث... قال الحسن : الإبلاس : اليأس من النجاة عند ورود الهلكة (نسأل الله العافية) .
ثانيًا : يجب على المسلم أن يحذر عقوبة سوء الخاتمة؛ وذلك بسؤال الله حسن الخاتمة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بقوله : «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» وقال صلى الله عليه وسلم : «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها»[أخرجه مسلم رقم:2651] وبالعكس، نسأل الله الثبات على دينه .
ثالثًا : ذم الله لمن أمن مكره، وكتب عليهم الخسارة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : "فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" [الأعراف:99] .
فكم من رياض أمست وزهرها يانع عميم، وأصبحت وزهرها يابس هشيم، إذا هبت عليها الريح العقيم، كذلك العبد يمسي وقلبه بطاعة الله مشرق سليم ، ويصبح وهو بمعصية الله مظلم سقيم ، ذلك تقدير العزيز العليم .
=====
" من أسباب دفع العقوبات : شكر النعم "
إن شكر النعمة التي ينعم بها الله سبحانه وتعالى على الأفراد أو على الجماعات والمجتمعات سبب لاستقرارها وثبوتها، أما عدم الشكر فإنه يؤدي غالبًا إلى العقوبات الخاصة أو العامة ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه ما عاقب به كل شخص على كفره، فيجب علينا أن نشكر الله على نعمه سواء كانت دينية أو دنيوية .
والله سبحانه يحب شكر النعم التي أنعم بها علينا، فمن أسمائه الحسنى : (الشكور) أي الذي يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل ، قال تعالى : "إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا"[الإنسان:22] .
وأخبر سبحانه وتعالى أنه أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ، بسؤال الله الإعانة على ذكره وشكره بعد كل صلاة، فيقول أحدنا : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك [مسند الإمام أحمد 5/244] .
وحيث إن شكر النعم سبب لزيادتها، وكفرها سبب للنقص ونزول العذاب فلنذكر في هذا المقام آيات وأحاديث في الشكر :
أولًا : إن شكر النعمة سبب للزيادة ، قال تعالى : "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" [إبراهيم:7].
ثانيًا : أمره لرسله والمؤمنين بالشكر، والله لا يأمر إلا بالواجب المهم. قال تعالى : "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا" [المؤمنون:51] .
وكذا أمره لعموم المؤمنين بالشكر ، قال تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" [البقرة:172] .
ثالثًا : تسميته لأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين بالشاكرين قال تعالى عن نوح، عليه السلام : "إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا" [الإسراء:3] .
رابعًا : ثناء الله على إبراهيم، عليه السلام، بالشكر ، قال تعالى : "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [النمل:120،121] .
خامسًا : طلب كثير من رسله وعباده المؤمنين الإعانة على الشكر، قال تعالى عن سليمان عليه السلام : "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ" [النمل:19] .
سادسًا : أن الشكر مقترن بالأعمال الصالحة، ولا يسمى الإنسان شاكرًا إلا بالعمل قال تعالى : "اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا" [سبأ:13] .
سابعًا : إن الشاكرين هم القلة القليلة من الناس ، قال تعالى : "وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" [سبأ:13] .
ثامنًا : إن مصلحة الشاكر عائدة إلى نفسه ومجتمعه قال تعالى عن لقمان الحكيم : "وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" [لقمان:12] .
تاسعا : أن عاقبة كفر النعم وعدم شكرها وخيمة، قد تؤدي إلى الهلاك والدمار العام ، قال تعالى : "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" [النمل:122] وكذلك ما قصه الله علينا من قصة سبأ .
عاشرًا : أن الشكر يؤدي إلى صرف العذاب ، قال تعالى : "مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا" [النساء:147] أي ما يصنع بعذابكم إن شكرتم نعمته، وآمنتم به وبرسوله، وكان الله شاكرًا للقليل على أعمالكم، عليمًا بنياتكم .
الحادي عشر : يتمثل بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام :
أولًا : اهتمامه صلى الله عليه وسلم بشكر النعمة حتى كان صلى الله عليه وسلم يدعو بعد كل صلاة بالإعانة عليه «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» .
ثانيًا : وصف من لا يشكر القليل بأنه لا يشكر الكثير، قال صلى الله عليه وسلم : «من لا يشكر القليل لا يشكر الكثير» [مسند الإمام احمد 5/244] .
ثالثا : تعويد الناس شكر بعضهم لبعض على المعروف، تأديبًا لهم ليشكروا فاطر السموات والأرض ، قال صلى الله عليه وسلم : «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» [صحيح الجامع رقم:3025] .
رابعًا : نسبة النعمة إلى موليها ومسديها، وهو الله سبحانه وتعالى، حيث إن النسبة لغيره كفر كالنسبة للطبيعة أو النجوم أو غير ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : «قال الله أصبح من عبادي مؤمن وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب» [صحيح الجامع رقم: 1326] وهذا يحكي واقعنا المعاصر. نسأل الله السلامة .
خامسًا : اهتمامه صلى الله عليه وسلم بشكر النعم الدينية التي أنعم الله بها عليه، كغفران ذنبه ما تقدم منه وما تأخر قال صلى الله عليه وسلم : «لما قام حتى تفطرت قدماه أفلا أكون عبدًا شكورًا» .
فينبغي لنا أن نحمد الله – عز وجل – لأنه يستحق الحمد والمدح والثناء، وأن نشكره على آلائه التي لا تعد ولا تحصى، وأن لا نقتصر على الشكر باللسان فقط بل أن يكون بالقلب واللسان والجوارح، لأن النعم كثيرة وعظيمة .
حقيقة الشكر :
حقيقة الشكر : إظهار النعمة والاعتراف بها لله تعالى على وجه الخضوع. قال تعالى : "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" ولا يظن أن الشكر باللسان، فالجوارح كلها عناصر الشكر، ورأس الشكر العمل، قال تعالى : "اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا" [سبأ:13] .
ومن الشكر عدم استعمال النعم في المعاصي فبعض الناس قد آتاه الله مالًا كثيرًا فيصرفه في معصية الله سبحانه وتعالى، من شراء الخمور وآلات اللهو والمزامير وغير ذلك، ولا يدري أن الله سبحانه وتعالى سيسأله عن المال من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟!
فيجب الشكر على البشر عمومًا، وعلى من كان في بلاد الخير خصوصًا ، وقد قص الله علينا عاقبة الذين كفروا النعمة، قال تعالى : "لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ" [سبأ:15-17] .
فصار أمر الجنتين عن اليمين والشمال بعد الثمار الناضجة والمناظر الحسنة والأنهار الجارية أن تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وعدم شكرهم للنعم .
فيتبين لنا مما سبق أن شكر النعم سبب عظيم من أسباب دفع العقوبات من الله سبحانه وتعالى .
(نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا ذكره وشكره) .
=======
" من أسباب دفع العقوبات : التوبة من جميع المعاصي "
إن الذنوب حجاب عن الله سبحانه، والانصراف عن كل ما يبعد عن الله واجب، وإنما يتم ذلك بالعلم والندم والعزم، فإنه متى لم يعلم أن الذنوب من أسباب البعد عن الله لم يندم على الذنوب ولم يتوجع بسبب سلوكه طريق البعد وإذا لم يتوجع لم يرجع عن الذنوب .
التوبة : هي الرجوع عن المعصية إلى طاعة الله وهي واجبة من كل ذنب، ولها ثلاثة شروط :
1- الإقلاع عن المعصية .
2- الندم على فعلها .
3- العزم على ألا يعود .
وأما إذا كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فلا يبرأ إلا برد الحق إلى صاحبه أو استحلاله عن ذلك الحق الخاص .
ونحن في هذا المقام نبين أن سبب العقوبة هي المعاصي على اختلاف أنواعها، ولا ترتفع العقوبة إلا بالتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى .
فحقيق علينا أن نبادر بالتوبة والإقلاع عن المعصية لأجل أن يرتفع ما نزل من هذا البلاء الذي عم كل فرد من أفراد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث تسليط الأعداء وإمالة دولتهم على المسلمين، وتسلم زمام مهام الدولة الإسلامية، وحتى إننا في هذه الأيام رفعت عنا العافية الكافية في عدم ظهور المعاصي والاستتار بها، كما قال صلى الله عليه وسلم : «كل أمتي معافى إلا المجاهرون» [متفق عليه] .
فنرى صاحب الدخان قد جاهر بدخانه .
وحالق اللحية قد جاهر بها، وهي ظاهرة .
وصاحب آلات الملاهي قد أفشاها ولا يخفى أن المعصية إذا ظهرت ونزل عقاب .
إنه يعم الطالح والصالح إذا لم ينكر، كما في قصة أصحاب السبت ثم أنه ظهرت في المسلمين ظاهرة سيئة حتى فشت في جميع المجتمعات، وهي أنك إذا دعوت شخصًا للتوبة من أي ذنب تغير وجهه وظهر عليه الغضب، كأنك أخذت منه أعز شيء لديه، ثم يستدل بأن المعصية خفيفة وغيرها أكبر، وغير ذلك، أو استدل بآيات الرحمة والرجاء ونحو ذلك، وهو لا يعلم أن الله سبحانه وتعالى كلما ذكر آية رحمة قرنها بآية عذاب، أو ذكر أصحاب الجنة وصفاتهم أتبعهم بأصحاب النار وصفاتهم .
قال تعالى : "إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" [الأنعام:165] وفي هذا المقام نورد عقاب بعض الأمم التي ذكره الله في القرآن الكريم، مع ذكر المعصية لأجل أن يزول الشك، ويرتفع الحجاب وتستنير البصائر .
قال ابن القيم – يرحمه الله تعالى – : (مما ينبغي أن يعلم أن المعاصي والذنوب تضر وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الآخرة شر وداء إلا بسبب الذنوب والمعاصي) .
ثم قال – يرحمه الله تعالى : فما الذي أخرج الأبوين من الجنة والنعيم واللذة والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب ؟ ذكرت قصة الأبوين للاستدلال على أن العقوبة تترتب على المعصية وتأمل قصة إنزال إبليس لعنه الله من ملكوت السماء وطرده، ولعنه، ومسخه، ظاهرًا وباطنًا فجعلت صورته أقبح الصور وأشنعها وباطنه أقبح من صورته وبدل بالقرب بعدًا، وبالرحمة عذابًا ولعنة، وبالجمال قبحًا وبالجنة نارًا تتلظى، وبالإيمان كفرًا، وبموالاة الولي الحميد عداوة ومشاقة .
وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رءوس الجبال ؟
وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة ؟
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعًا ثم اتبعهم حجارة من السماء أمرها عليهم فجمع عليهم في العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم ولإخوانهم أمثالها قال تعالى : "وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ".
وفي هذا نذكر آثار ظهور المعاصي المؤلمة التي تضر بالفرد والمجتمع :
أولًا : ظهور العقاب العام بالخوف والجوع والخسف والمسخ كما قص علينا من نبأ الأمم السابقة السالفة الذكر .
ثانيًا : تسليط أعداء لم يكن لهم تسلط من قبل .
ثالثًا : إفساد العقل فإن العقل نور، والمعصية تطفئ نور العقل .
رابعًا : احتقار المعصية فإن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه .
خامسًا : تعسير الأمور؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه أو متعسرًا عليه .
سادسًا : شماتة الأعداء فإن المعاصي كلها أضرار في الدين والدنيا، وهذا ما يفرح العدو ويسيء الصديق .
سابعًا : أنه توجد في الأرض أنواع الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار والمساكن ، قال تعالى : "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة:155] .
والحسنى تضمن للإنسان الفلاح في الدنيا والآخرة، لأن الله شرط الفلاح على التوبة فقال : "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور:31] .
وبهذا المقدار نكتفي مما ذكر من أسباب رفع العقوبات أو دفعها قبل نزولها في المجتمع، ونحن في كل يوم نعاصر محنة كبيرة وأزمة عظيمة بسبب ما اقترفته أيدينا من المعاصي والذنوب، وعدم الالتزام بأوامر الله ورسوله .
فالعاقل هو الذي يعمل لما بعد الموت، ولا يتبع نفسه الأماني، فكثير من الناس يتمنى على الله الجنة ولا يعمل بعمل أهلها، بل بعد ما بينه وبينهم بعد ما بين المشرق والمغرب .
وقد تكون أعمال شخص واحد مشئومة على مجتمع كامل، كما قال الله تعالى : "وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" [النمل:48] .
وذلك بسبب زعامة السفهاء أو أوامرهم الهوجاء التي لا تتقيد بمبدأ ولا ترتسم على منهج، وهذا كله بسبب تضييع أوامر القرآن الكريم والسنة .
فالواجب علينا جميعًا أن نتدبر كتاب الله وسنة نبيه، ونتقيد بما جاء فيهما لنفوز في الدارين، وليعلم كل مسلم غيور على دينه أن من لم يعمل بما جاء فيهما فإن عمله مردود عليه، ولو قام قيام السارية صلاة وصيامًا بدون فتور فإنه مأزور غير مأجور .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ذكره وشكره، وأن يرزقنا القيام بما أوجب علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يرزقنا التوبة النصوح، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
======
" القصة الأولى "
كنت فتاة مدللة في منزل والدي، أحاطني الجميع برعاية خاصة وعناية تامة في ظل إخوة خمسة، فكنت محظية بالمحبة والمودة .
وكان جل اهتمامي نحو الدراسة التي تفوقت فيها تفوقا ملحوظا، وهذا جعل الأعين تنصب علي! والأيدي تدنو مني !
ولما استقر بي المقام في المرحلة الثانوية بدأ قلبي يهتز للمرة الأولى عندما أخبرتني والدتي أن فلانا تقدم لخطبتي، وقلت بصوت فيه عجب وكبرياء...: هذا لعب عيال!وبدأ الخطاب ينهالون علي بمعدل يفوق زميلاتي حتى أني أسررت إلى إحداهن بقولي : يظهر أن شباب مدينتنا كلهم قد تقدموا إلي !
وتكرر الأمر في المرحلة الجامعية مع بعض الإضافات في طريقة الخطبة والسؤال ! وكنت دائما أسأل : ما هي مواصفات الزوج ؟!
لا أكتمكم سرًّا.. جميع الموصفات والمهن والأشكال...
بل لو قلت اجتمعت صفات في خاطب اسمه (عبد الله) قل أن تجتمع في عشرة رجال ومع هذا رفضت، فأنا صاحبة المقام والمنزلة والذكاء والجمال .
ولما تخرجت وبدأت العمل كان سيل الخطاب يزداد أيضًا مع اختلاف لاحظته الآن، وهو كبر سن الخطاب فغالبهم يقارب الثلاثين من العمر ! وكان ناقوس خطر يدق في قلبي لم أستمع إليه إلا اليوم. ومرت الأيام.. فإذا بي أفاجأ بخطاب عجيب تدرون من هو ؟ إنه مطلق لزوجة ولديه طفل ! صدمت لكني قلت: هذا مسكين لا يعرف حالي ومن أنا ! له عذر !...
الأيام تجري وعمري يجري، وقد انهمكت في عملي وأنا والخطاب في اتجاه واحد، وإن كانت المواصفات من الناحية العمرية بدأت تقل إلا أنها في المقابل زادت من ناحية المركز الوظيفي وتميز التفكير! إلا أنني كنت أرفض وأأمل أن يأتي رجل مثل عبد الله أو يقاربه ! لكن الطيور طارت بأرزاقها - كما يقال - وإذا بعبد الله لديه أربعة أبناء ! ولازلت عانسًا !
قاربت الثلاثين والأمر حرج وخطير، وأصاب أحيانا بالقهر ! فهذه فاطمة زميلتي لديها خمسة أبناء وتلك لديها بنتان كالقمر، وثالثة تستمتع بالحياة مع زوج حالته المادية يسيرة ! أما أنا فأستمتع بالهدوء والراحة كما كنت أكذب علي نفسي ! أدلف للمناسبات والتجمعات لوحدي، وأرى من هم في عمري وكل امرأة معها أطفالها تضاحكهم وتناديهم..
كانت الفتن تلوح أمامي.. ها هي قاب قوسين أو أدنى ولكن الله عصمني من أن أقع في الفاحشة ولعلَّه بدعاء والديَّ ومحافظتهم عليَّ * عدت يوما من عملي وقد تم ترفيعي لمرتبة أعلى نظرا لتميزي وجهدي، لكن ذلك سقط من عيني ووالدتي تكتب ورقة صغيرة على وسادتي : «يا بنيتي تقدم إليك (فلان) وهو في مرتبة وظيفية جيدة وفي سن الشباب، ولا يمنع أن توافقي حتى وإن كان له زوجة وستة أطفال فالأيام تمر.. فكري، وأخبريني» .
قرأت الورقة بتمعن.. وغيظ ! وتأملت في مفرق رأسي وقد بدأت أجعل صبغة سوداء كل حين لأخفي شعرات بيضاء.. ثم بكيت وقلت: أهذه النهاية !؟
سارعت إلي والدي في المساء غاضبة، وقد نفد صبري ! كيف تقبلون بمثل هذا الرجل ولديه ستة أولاد !
فكان الجواب القاتل : لنا شهور لم يتقدم إلا أمثاله من المتزوجين! وأخشى أن يأتي يوم لا يتقدم أحد !
يا بنتي الأجداد كانوا يقولون : البنت مثل الوردة إذا تأخر قطافها ذبلت ! وأرى أنك دخلت هذه المرحلة ! يا بنيتي تقدم لك مئات من الخطاب وكنت تردينهم واحدًا تلو الآخر...
هذا طويل وآخر قصير، وذك، وهذا، حتى لم تجدي أحدًا !
في جلسة قصيرة مع والدي ووالدتي بعد مغرب الغد.. أرى العيون تنظر إليَّ برحمة وشفقة.. فأنا عانس فات قطار الزواج من أمامي بعد أن مر بجواري لكني تركته وسرعان ما بكيت وقلت: ليتك يا أبي فعلت ! قال : ماذا ؟ قلت : أخذت بيدي ودفعتني إلي الزوج الذي ترضاه !ٍٍٍٍِ أما ارتضيت عبد الله وأثنيت عليه، أما ارتضيت ابن خالك ومدحته. ياليتك فعلت ولن ألومك ! ياليتك يا أبي ضربتني.. وعندها انفجرت بالبكاء !
واليوم لم يأت ذاك الشاب الطويل ولا القصير، ولم يأت الفقير ولا صاحب الوظيفة البسيطة... لم يأت فارس الأحلام ولا فارس المنام.. فجمعت حسرات الانتظار والعجب وصفتها عظة لأخت مثلي أن تصل إلي ما وصلت إليه !
===
" المرأة العفيفة "
لا تزال المحاكم الشرعية تستقبل سيلاًٍِِِ جارف من المشاكل الأخلاقية التي تقع في المجتمع! ومن أعظم الأسباب العزوف عن الزواج من الشباب وبقاء الفتيات دون أزواج ! فإن كانت الفتاة قليلة الدين ضعيفة الإيمان لربما انجرفت في أمور محرمة من محادثة أو مقابلة، والشيطان حريص علي إيقاعها في الفاحشة ! أما الشباب المسكين وقد اكتملت رجولته مع ضعف الوازع الديني فإن أبواب الشر مفتوحة تدعوه إلى الوقوع في الزنا- والعياذ بالله- ومن يرضى لابنه وابنته هذا الأمر العظيم الذي قرنه الله – عز وجل – بالقتل في قوله تعالى : ٍِ"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا" [الفرقان: 68]
قال الإمام أحمد : «لا أعلم بعد قتل النفس ذنبًا أعظم من الزنا» .
ومن النساء من تسعى إلى إنقاذ نفسها وإحصان فرجها بالزواج : ذكر أحد القضاة في منطقة من المناطق أنه أتته يومًا امرأة وجلست ثم جلس في الكرسي الآخر سوداني بعمامته المشهورة وبسواده المتميز ! ثم قالت : أريد الزواج بهذا الرجل ! قال القاضي : فاستغربت وسألت : أهو سوداني ؟ قالت المرأة : نعم، ثم سألت : وأنت سعودية ؟ قالت : نعم، ثم أردفت ولدي إذن بزواجه مني حصلت عليه من الإمارة ! قال : وتعجبت بقبول المرأة، وقلت في الأمر شيء، ولعل المرأة تخبرني خاصة مع ما أراه من اختلاف الطبائع وتباعد الديار فأخرجت الرجل السوداني ! ولما سألت المرأة أجابت : أنا مطلقة ولي تسع سنوات لم يتقدم لخطبتي أحد، وهذا رجل يرعى إبلنا ومواشينا وأريد أن أحصن نفسي وأعفها ! قال : القاضي : فتعجب من حال المرأة وكيف سعت بنفسها في غياب وليها إلى ذلك والمطالبة بالزواج !
وأردف القاضي : إن كانت هذه المرأة قد وفقها الله إلى الطريق الصحيح فكيف حال الفتيات الأخريات ممن لا يملكن حيلة ولا يستطعن سبيلاً ! إلى أين يذهبن ؟ ولمن يشتكين ؟!! وحتى نعلم حجم المصيبة ونذر الواقعة ، ذكر صاحب كتاب الخصائص السكانية للمملكة لعام 1419هـ في ص84 أن هناك ما يقرب من مليون وثلاثمائة فتاة لم تتزوج تتراوح أعمارهن بين 15-30 عامًا .
====
" مكانة الزواج "
تفلت أمر الزواج من كثير من المسلمين، ومن أبرز مظاهر هذا التفلت ظاهرة تأخر الزواج عن السن المعتادة الطبيعية وحتى يرجع الأمر إلى نصابه يحدو المسلم إلى الزواج أمور عدة منها : أولاً : عظم ومكانة الزواج في الإسلام، وقد اهتم علماء الإسلام بالنكاح اهتمامًا واسعًا ومن ذلك أن المحدثين الذين عنوا بجمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في النكاح كالإمام مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه وغيرهما، أفردوا كتاب النكاح عقب كتاب الإيمان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، أي بعد ذكر أركان الإسلام الخمسة مباشرة، حتى أنهم قدموه على كتاب الجهاد في سبيل الله .
ثانيًا : إن النكاح عند أهل العلم والفقه الشرعي مقدم على نوافل العبادات، وقد ذهب جمع من الفقهاء إلى أن الزواج يقدم على الحج، مع أن الحج من أن أركان الإسلام .
ثالثًا : فرحة الخاص والعام بخبر زواج فلان وفلانة من المعارف والأقارب وأمر النبي صلي الله عليه وسلم بحضور مناسبة الزواج لأهميتها وشديد العناية بها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق