( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يغادر سقماً )
المقـدمـة
ورم
هودجكن الليمفاوي أو داء هودجكن ( Hodgkin’s
disease )، هو أحد الأورام السرطانية الليمفاوية
( lymphomas ) التي
تنشأ و تتطور بأنسجة الجهاز الليمفاوي، أحد المكونات الرئيسية للمنظـومة المناعية
بالجسم، و الذي يتكون من خـلايا مختلفة و متعددة الوظائف، تتكامل معا كجزء أساسي
في الرد المناعي، سواء في مقاومة العدوى المختلفة، أو تدمير بعض أنواع الخلايا السرطانية،
و قد سميت هذه الأورام نسبة إلى الطبيب توماس هودجكن أول من قام بتشخيصها في العام
1832م، و من المعتاد أن تنشأ لدى الأطفال بالفئة العمرية ما بين العاشرة و السادسة
عشر على وجه الخصوص ، و تُعد نادرة الظهور لدى الفئة العمرية دون الخامسة، كما
ترتفع معدلات ظهورها لدى الذكور عنها لدى الإناث.
الجهاز
الليمفـاوي
يتكون
الجهاز الليمفاوي من الأوعية الليمفاوية التي تشبه الأوردة الدموية، و تتفرع إلى كل
أجزاء الجسم و يمر عبرها السائل الليمفـاوي، و هو سائل عديم اللون يحمل خلايا جهاز
المناعة، كما يحمل إفرازات و مخلفات الخلايا الزائدة، و تتجمع شبكة الأوعية
الليمفاوية في غدد عضوية صغيرة تسمى الغدد الليمفاوية، التي بدورها تتواجد
بمجموعات في مناطق مختلفة من الجسم، مثل الإبطين و الرقبة و التجويف البطني، ( كما
يعتبر الطحال و اللوزتين و الغدة الصعترية ضمن غدد الجهاز الليمفاوي المهمة ) و
تقوم هذه الغدد بتخزين الخلايا الليمفاوية ( Lymphocytes )
التي تُعد من الخلايا
الرئيسية في النسيج الليمفاوي، و التي تتسرطن في هذا النوع من الأورام، نتيجة حدوث
اختلال في أطوار تكاثرها و استطراد نموها بشكل شاذ.
و ثمة
نوعان أساسيان من الخلايا الليمفاوية، الخـلايا البـائية
( B lymphocytes )، ذات الدور المهم في تمييز الكـائنات الغـريبة،
و الخلايا التـائية ( T lymphocytes ) و كليهما عـرضة للتسرطن و نشـوء الأورام الليمفاوية التي تصنف حسب أي
منهما، سواء أورام ليمفاوية بالخلايا البائية ( B-cell
lymphomas ) أم خـلايا تـائية
( T-cell lymphomas ).
و لكل من
هذين النوعين وظائف مختلفة ضمن الجهاز المناعي، حيث تساعد الخلايا البائية في
مكافحة البكتيريا، و ذلك بإنتاج ضدّيات الجسيمات الغريبة ( antibodies ) أو الأضداد، و تعمل هذه الضدّيات كدليل أو سمة للبكتيريا المستهدفة،
إذ تلتصق ببروتينات معينة تتواجد على سطوحها تسمى بمولدات المضادات
( antigens )، فتقوم بوسمها و تعلّمها مما يجذب نحوها الأنواع
الملتهمة من خلايا الجهاز المناعي، التي تقوم بابتلاعها، كما تجذب نوعا من
بروتينات الدم التي تدمر هذه البكتيريا بإحداث ثقوب في جدار خلاياها.
بينما
تساعد الخلايا الليمفاوية التائية في الحماية من الفيروسات، حيث يمكنها تمييز مواد
كيماوية معينة، تتواجد على السطح الخارجي للخلايا المصابة بعدوى فيروسية، فتقوم
بتدميرها بأن تفرز مواداً خاصة تذيب الغشاء الخارجي لهذه الخلايا، كما أنها تفرز
موادا تسمى المثيرات الخلوية ( cytokines )،
تستنهض أنواعا أخرى من خلايا كريات الدم البيضاء لتهاجم الخلايا المصابة، و يعتقد
أن الخلايا التائية تقوم بمهاجمة و تدمير بعض أنواع الخلايا السرطانية بنفس
الطريقة، إضافة إلى مهاجمتها لخلايا الأنسجة المزروعة بالجسم، ( لذلك يتلقى المرضى
ممن خضعوا لعمليات زرع الأعضاء، أدوية خاصة لإحباط ردود فعل الخلايا التائية
).
( و يُرجى
الانتقال لصفحة العلاج المناعي لمزيد من التفاصيل حول دور الخلايا الليمفاوية ضمن
الجهاز المناعي ).
و نظرا
لتواجد الأنسجة الليمفاوية في اغلب أجزاء الجسم، يمكن لورم هودجكن أن يبدأ في أي
موضع تقريبا، و يمكن أن ينتقل إلى أي عضو أو نسيج بالجسم، بما في ذلك الكبد أو
النخاع العظمي أو الطحال، غير انه ينشأ غالبا بالغدد الليمفاوية بالجزء العلوي من
الجسم، و خصوصا بالصدر و الرقبة أو الإبطين، و من المعتاد أن ينتقل عبر الأوعية
الليمفاوية إلى الغدد المجاورة، الأقرب فالأقرب دون أن يتخطاها إلى غدد بعيدة، و
في حالات نادرة ينتقل إلى الأوعية الدموية، مما يمكنه من الوصول إلى أي موضع
بالجسم بما في ذلك الرئة و الكبد.
و تجدر
الإشارة إلى أن الخلايا الورمية بداء هودجكن تتخذ مظهرا فريدا يختلف تماما عن مظهر
الخلايا السرطانية عند الأورام الليمفاوية اللاهودجكن و الأورام الأخرى، و تسمى
هذه الخلايا الشاذة بخلايا رييد ستيرنبرج (
Reed-Sternberg cells )، نسبة إلى الطبيبين اللذين قدما أول مقالات
طبية تصفها وصفا دقيقا، و من المعتقد أن هذه الخلايا هي نوع من تسرطن الخلايا
الليمفاوية البائية، و يُعد وجودها دليلا قاطعا على نشوء ورم هودجكن.
حول
عـوامل الخطورة لنشوء ورم هودجـكن
يُشير
تعبير عوامل الخطورة ( Risk factors ) و تسمى أيضا بالعوامل المؤهبة، إلى العوامل و الظروف التي تزيد من
احتمال العرضة لأي مرض، مثل السرطان، عند أي شخص، و ثمة عوامل خطورة لكل نوع من
الأورام، و قد تتضمن عوامل خطورة وراثية أي ترتبط بخصائص المورثات، إضافة إلى
عوامل ترتبط بالبيئة أو نمط المعيشة و الظروف الحياتية، و رغم أن العوامل المتعلقة
بنمط المعيشة مثل التدخين و التغذية السيئة أو تعاطي المسكرات أو ظروف العمل ( مثل
التعرض المستمر للكيماويات )، تُعد من العوامل المهمة لدى العديد من أورام
البالغين، ( و ذلك لا يعني أن الإصابة بالسرطان هي حتمية مع وجود هذه العوامل )،
إلا أن تأثيرها معدوم أو ضعيف جدا عند التطرق لأورام الأطفال.
و فيما
يتعلق بورم هودجكن وجد الباحثون أن بعض العوامل تزيد من نسبة الخطورة لنشوء هذا الورم،
من أهمها العدوى بداء وحيدات النوى ( mononucleosis
) ، حيث تفيد بعض الدراسات عن تزايد نسبة الخطورة لظهور ورم هودجكن
عند المصابين بعدوى هذا المرض، و التي تنشا عن فيروس إبشتين بار
( Epstein-Barr virus ) ، مع العلم بان الإحصاءات الطبية تفيد بأنه لا يوجد
ماض من التعرض لمثل هذه العدوى لدى نسبة تزيد عن 50 % من المرضى بورم هودجكن.
و من
ناحية أخرى تؤكد العديد من الدراسات الطبيـة على زيادة نسبة الخطورة عند وجود ضعف بالجهاز
المنـاعي، و الذي قد ينجم عن العديد من الأسباب، مثل الإصابة بعدوى مرض نقص
المنـاعة المكتسب الإيـدز، أو وجود عيـوب خلقية منذ الـولادة و متلازمات مرتبطة
بالعجز المناعي، مثل متلازمة الإختلاج المرتبط بتمدد الأوعية الشعرية
( ataxia - telangiectasia syndrome )، أو متلازمة ويسكوت الدريش
( Wiskott-Aldrich syndrome )، أو عند حالات زراعة الأعضاء حيث يتلقى المرضى
عقاقير محبطة للجهاز المناعي، رغم أن ورم هودجكن يُعد اقل شيوعا و بفارق كبير بين
الحالات التي تُعاني من مثل هذا العجز المناعي، مقارنة بأنواع السـرطان الأخرى و
خصوصا الأورام الليمفاوية اللاهودجكن.
و في
المحصلة و بخلاف العديد من الأورام، لا يبدو أن ورم هودجكن ينشأ عن أسباب متعلقة
بالمشاكل الوراثية أو بالنمط المعيشي أو التغذية السيئة أو حتى الظروف البيئية، و
مع انه قد سجلت حالات عديدة من المرض ظهرت في أجيال لعائلات بعينها، إلا أن الأمر
لا يبدو متعلقا بمشاكل وراثية، و من جهة أخرى و حتى عند وجود بعض من عوامل الخطورة
لدى شخص ما، لا يمكن تحديد مدى مساهمة هذه العوامل في نشوء التسرطن، و يمكن القول
انه لم يتم بعد اكتشاف عوامل خطورة رئيسية يمكن ربطها بشكل مباشر و مؤكد بنشوء
أورام هودجكن.
حـول
نشوء أورام هودجـكن
يلزمنا
لفهم كيفية نشوء الخلايا السرطانية، الإلمام ببعض المعلومات الأولية عن الخصائص
الوراثية و المورثات ( genes )،
فالمورث
عبارة عن جزء من الحمض الريبونووي (
deoxyribonucleic acid DNA ) يحمل خصائص وراثية معينة و لديه وظيفة حيوية محددة، و كمثال تحدد
المورثات لون العينين و البشرة، أو فئة الدم، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية
التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها،
و يُعد نوع التغيرات الشاذة في الحمض النووي للمورثات العامل المؤثر في تحديد نوع
المرض الذي قد يصيب الإنسان، و المورثات هي أجزاء من الصبغيات
( chromosomes )، التي من الممكن تشبيهها بشريط خيطي مظفور من الحمض
النووي فائق الطول، يحتوي على الآلاف من المورثات تصطف على امتداده، و ينتظم الحمض
النووي بدقة في 23 زوجا من الصبغيات، يرث الإنسان النصف من كل زوج عن أحد الوالدين.
و من جهة
أخرى قد يرث المرء بعضا من التغيرات الشاذة ( أو الأعطاب ) بالحمض النووي عن
والديه، الأمر الذي يفسر ظهور بعض العلل بشكل شائع لدى بعض العائلات، و تسمى هذه
التغيرات بالتحورات أو التبدلات الجذرية للبُنية ( mutations )،
و التي تنشا أيضا لأسباب غير مفهومة و غير مبررة أسوة بصور الإختلال الأخرى التي
تصيب هذا الحمض، و التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
شرود
للصبغيات و تبادل المواقع ( Translocation ) بين جزأين من الحمض النووي، أي أن مقطعا من الحمض النووي بصبغي معين
يشرد ملتحقا بصبغي مختلف و غير متماثل معه، و هذا الاختلال على وجه الخصوص يُعد
مسؤولا عن نشوء بعض أنواع اللوكيميا حيث يظهر التبادل في صبغيات مختلفة عند كل
منها.
الانعكاس
أو الانقلاب ( inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا إلا انه لا
يزال مرتبطا بنفس الصبغي.
الإضافة
( addition ) أي أن
جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد نسخ كثيرة منه بالخلية، و يشار
إليه برقم الصبغي مع إشارة موجبة ( + 7 مثلا ).
الفقدان
أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين، و يشار إليه برقم الصبغي مع إشارة
سالبة، فمثلا -7 تعني أنه ثمة جزء مفقود من الصبغي السابع.
و ثمة
أنواع متعددة و كثيرة جدا من المورثات، و لكل منها وظائف حيوية و خصائص وراثية
محددة، و يحتوي بعضُ من أنواعها على التعليمات و الشفرات الوراثية التي تتحكم في
آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكاثر لإنتاج خلايا جديدة، و من هذه
مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بالمورثات
الورمية ( oncogenes )، أو المحفزة للتكاثر، و ثمة مورثات أخرى تُبطيء
و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخلية عند الحاجة،
و تسمى بالمورثات الكـابحة للتـورم ( Tumor
suppressor genes ).
و من هنا
يمكن أن تتسرطن الخلايا الطبيعية عند حدوث أي من أنواع الاختلال المذكورة ببنية الحمض
النووي، ( أي التحورات الشاذة بالبُنية أو شرود الصبغيات أو المحو أو الانعكاس أو الإضافة
) و التي تدفع بدورها ( سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ) إلى تشغيل المورث الورمي دون ضوابط ( مما يفقده القدرة على التحكم في نمو
الخلية و تكاثرها )، أو يُبطل عمل المورثات الكابحة للتورم، و ينتهي الأمر بنشوء
ورم سرطاني، و من المهم معرفة أنه و عدا عن الإختلالات الوراثية التي تزيد من نسبة
الخطر لنشوء بعض الأورام ( و الأمر ليس حتميا البتة و لا تُعد أورام هودجكن ضمن
هذه الفئة )، لا يعرف العلماء الأسباب الحقيقية و المؤكدة التي تؤدي إلى حدوث
أنواع الاختلال بالحمض النووي، ( أو التي تقدح الزناد ) و التي تؤدي إلى تسرطن
الخلايا الطبيعية و نشوء الأورام.
و على
الرغم من عدم معرفة الأسباب الدقيقة لتسرطن الخلايا الليمفاوية البائية و نشوء
أورام هودجكن عند معظم الحالات، غير أن الأبحاث الطبية تمكنت من إيجاد علاقة بينها
و بين جملة من الظروف الصحية المصاحبة، مثل حالات العوز المناعي المذكورة آنفا، و
التي من المعتقد أنها تخلق الظروف المناسبة لنشوء هذه الأورام، و تفيد الدراسات
الطبية أن تزامن حالة العجز المناعي ( سواء بالوراثة أو بتأثير الأدوية المحبطة
للجهاز المناعي أو بعدوى الإيدز ) مع الإصابة بعدوى فيروس ابشتين بار قد تؤدي إلى
تسرطن الخلايا الليمفاوية و نشوء أورام هودجكن، و إن كانت بمعدلات تقل عن معدلات نشوء
الأورام اللاهودجكن بكثير، و من ناحية أخرى، و على الرغم من تمكن العلماء من تحديد
العديد من التغيرات الأساسية بالحمض النووي لخلايا الأورام الليمفاوية، مما شكل
بداية لفهم كيفية تطورها عند وجود عوامل خطورة معينة عند بعض المرضى، غير انه لم
يتمكن أحد بعد من معرفة أسباب نشوء أورام هودجكن عند أغلب المرضى ممن لا توجد
بحياتهم أية عوامل خطورة واضحة، قد تهيئ الظروف المساعدة لنشوئها.
حول
الأعـراض و التشـخيص
تسبب هذه
الأورام أعراضا متعددة تبعا لموضع الورم، و قد تشمل الأعراض المبكرة جدا ظهور تضخم
ملحوظ و بدون ألم للغدد الليمفاوية القريبة من سطح الجسم مثل الغدد على جانبي
الرقبة، و تحت الإبطين أو بالترقوة، يستمر لفترات طويلة دون أن تعود الغدة للحجم
الطبيعي، و تزداد في التضخم رغم عدم وجود الآم، و تبدو كتلة الورم مكتنزة و رخوة،
و قد تظهر أعراض مثل السعال أو ضيق النفس، حين ينشأ الورم بالغدد الليمفاوية
بالصدر، و التي عند تضخمها تضغط على القصبة الهوائية، و في حالات نادرة تنشا علة
الوريد الأجوف العلوي ( superior vena cava syndrome )،
عند ضغط كتلة الورم على الوريد الأجوف العلوي، الذي يحمل الدم من الرأس و الذراعين
إلى القلب و من علاماتها ظهور انتفاخ بالرأس و بأعلى الصدر و بالذراعين، مع تغير
لون الجلد بهذه المواضع إلى اللون الأحمر المزرق، و قد يؤثر نشوء هذه العلة على الدماغ
و يهدد حياة المريض بشكل جدي.
و من
أكثر الأعراض البدنية العامة شيوعا و التي تظهر عند حوالي 30 % من الحالات، نشوء
حمّى متواصلة لا تتوقف لفترات طويلة تصل لأسابيع، و إن كانت حدتها تخف أحيانا، و
التعرق الليلي الشديد، و فقدان الوزن، و الشعور المتواصل بالإعياء، و فقدان الشهية،
و من ناحية أخرى قد لا تظهر أية أعراض مرضية عند بعض الحالات، و لا يشكو المريض من
أي اعتلال.
عند ظهور
الأعراض على الطفل و التي يمكن أن تُعزى إلى أي من الأورام الليمفاوية، و الارتياب
بوجود هذا الورم، يقوم الأطباء بإجراء سلسلة من الفحوصات و التحاليل المخبرية، و
التقاط صور إشعاعية مختلفة من أشعات سينية، و التصوير الإشعاعي المقطعي
( Computed tomography scan )، إضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي
( Magnetic resonance imaging باستخدام الموجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم
)، لتحديد مختلف جوانب الورم بدقة، و من المعتاد إجراء الخزع
الجراحي ( biopsy ) بهدف استخلاص خزعة من الأنسجة، أو الغدة التي لا تبدو طبيعية، ليتم فحصها
تحت المجهر، بُغية تحديد نوع الورم و خواصه الحيوية.
تصنيف
أورام هودجكـن
ما أن
يتم تشخيص الحالة على أنها ضمن أورام هودجكن، حتى يتم إجراء مزيد من التحاليل و
الفحوصات المخبرية للتحقق من مدى انتشار الورم من موضع نشأته إلى أجزاء أخرى
بالجسم، و هذا يسمى بالتصنيف المرحلي، و من الضروري تحديد هذا التصنيف ليتسنى
ترتيب الخطة العلاجي المناسبة، و قد يتحدد ذلك بمجرد المعاينة الجسدية، و تحاليل
الدم و صور الأشعة السينية، غير أنه في بعض الحالات يتطلب الأمر إجراء معاينة
داخلية مباشرة للأعضاء، و ذلك بإجراء جراحة فتح للتجويف البطني و فحص الأعضاء
الداخلية، و استخلاص عينات صغيرة يتم فحصها للتحقق من خلوّها من السرطان، و يتم
إجراء مثل هذه الجراحة عند الحاجة فحسب بطبيعة الحال، بينما في حال تعذر الجراحة
لأي سبب، يتم الاكتفاء باستخلاص خزعات من الأنسجة للفحوصات المعملية.
و يُصنف
ورم هودجكن إلى أربع درجات مرحلية، تبعا لموضع الورم و مدى تقدمه، و رقعة انتشاره
خارج الجهاز الليمفاوي، إضافة إلى مرحلة الورم الراجع، و يتفرع كل تصنيف إلى
قسمين، ( أ ) و ( ب )، تبعا للأعراض المرضية البدنية الظاهرة عند التشخيص، و التي
تشمل الحمى و فقدان الوزن بنسبة تزيد عن 10 % خلال الستة اشهر السابقة للتشخيص، و
شدة التعرق، حيث يُعد الأطفال المرضى دون ظهور أعراض من فئة ( أ )، بينما يُصنف
بالفئة ( ب ) من ظهرت عليهم أي من الأعراض المذكورة، و على سبيل المثال يصنف
المريض بورم من الدرجة 1 و بدون أعراض، بدرجة ( 1 أ )، بينما يُصنف المريض بورم من
الدرجة 1، و لديه حمى غير مبررة، بدرجة ( 1 ب ).
درجة 1
تُدرج
بهذا التصنيف الحالات حيث يتواجد الورم في موضع واحد ضمن غدة ليمفاوية واحدة، أو
انتقل من الغدة و امتد موضعيا إلى موضع أو عضو واحد مجاور خارج الغدد الليمفاوية.
درجة 2
و تُدرج
بهذا التصنيف أي من الحالات التالية :
يتواجد
الورم في اثنتين أو أكثر من مناطق الغدد الليمفاوية، و بنفس الجانب من الحجاب
الحاجز.
امتد
الورم موضعيا من الغدد إلى موضع واحد أو عضو واحد، و بنفس الجانب من الحجاب الحاجز.
درجة 3
تُدرج
بهذا التصنيف الحالات التالية :
يتواجد
الورم في مناطق الغدد الليمفاوية بكلا الجانبين من الحجاب الحاجز.
قد يكون
الورم أيضا منبثا و منتقلا إلى موضع، أو عضو مجاور للغدد الليمفاوية، أو إلى الطحال.
درجة 4
و ُتدرج
بهذا التصنيف الحالات حيث يتبين عند التشخيص وجود انتقال للورم، أي
:
انتقل
الورم إلى أكثر من موضع واحد، أو عضو خارج الجهاز الليمفاوي، مثل النخاع العظمي أو
الكبد، و قد لا يتواجد في الغدد الليمفاوية قرب هذه الأعضاء.
انتقل السرطان
إلى عضو واحد خارج الجهاز الليمفاوي، و لكنه انبث إلى غدد ليمفاوية بمواضع بعيدة
عنه.
الورم
الراجع ( Recurrent )
و يُشير
هذا التصنيف إلى الأورام التي تعود و تظهر عقب انتهاء المعالجات الأولية بنجاح، و
قد تعود بنفس موضع المنشأ الأصلي حيث بدأت، أو تظهر بالأنسجة المحيطة، أو تعود بأي
موضع آخر، و قد تظهر في فترات قريبة عقب وقف المعالجات أو في فترات بعيدة قد تصل
إلى السنوات، كما يشير أيضا إلى أن الورم قد تمادى، و أصبح مقاوما أثناء تلقي
المعالجات.
حول
معـالجة أورام هودجـكن لدى الأطفال
ثمة
علاجات لكل حالات هذا النوع من الأورام لدى الأطفال، و أغلبها قابل للشفاء بنسب
عالية، إذ يزيد معدل الشفاء للخمس سنوات القياسية بصفة عامة بين الأطفال المرضى
بورم هودجكن عن 85 %، ( يُشير معدل الخمس سنوات إلى نسبة المرضى الذين يعيشون خمس
سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطـان معين، و بالطبع يشفى الكثيرون تماما و يعيشون
أكثر من ذلك بكثير، و يستخدم هذا المعدل عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطان )،
بينما تصل معدلات الشفاء القياسية لعشر سنوات حوالي 75 %، و تفيد الإحصاءات الطبية
بأن معدلات الشفاء للخمس سنوات القياسية لدى التصنيف بالدرجتين 1 و 2 تتراوح بين
90 إلى 95 %، بينما تتراوح بين 85 إلى 90 % لدى الدرجة 3، و تنخفض إلى 80
% لدى الأورام بالدرجة
4 ، و تعتمد فرص الطفل في الشفاء و خيارات المعالجة على عدة عوامل مجتمعة، أهمها
موضع الورم و مدى تركزه و درجته و مدى انتشاره، و كذلك نوع الأعراض الظاهرة عند
التشخيص، إضافة إلى عمر الطفل و حالته الصحية العامة.
و يُعد
العلاج الإشعاعي خط العلاج الأوليّ لأورام هودجكن، مع استخدام العلاج الكيماوي أو
بدونه، و بطبيعة الحال تختلف الخطط العلاجية تبعا لتصنيف الورم و مدى نمو الطفل، و
لا تزال الأبحاث جارية حول مدى الاستفادة من عمليات زرع نُقى النخاع العظمي لدى
بعض الحالات.
و بصفة
عامة تتماثل معالجة الأطفال المرضى بورم هودجكن مع المعالجات المستخدمة لدى الكبار
مع بعض الفروقات التي تعتمد على عمر الطفل، فإن كان الطفل قد وصل مرحلة البلوغ أو
قريبا منها، بمعنى أن نمو العظام و العضلات قد اكتمل و بلغ مرحلة النضج الكامل أو
اقترب منها، فالخطط العلاجية تتماثل مع تلك المستخدمة لدى البالغين، بينما إن كان
حجم الجسم ما يزال قاصرا عن بلوغ مرحلة الاكتمال، فيتم استخدام العلاج الكيماوي
كخيار مفضل عن العلاج الإشعاعي، حيث يؤثر الأخير على نمو العظام و العضلات، و
الهدف الأساسي بطبيعة الحال هو شفاء الطفل دون تعريضه للمضاعفات العلاجية على المدى
الطويل، و من هنا تحتاط اغلب الخطط العلاجية من استخدام جرعات عالية من الإشعاع
تجنبا لتأثيراته التي قد تعيق النمو العادي للأطفال، و من المعتاد استخدام توليفات
علاجية تتكون من جرعات إشعاعية مخفضة و توليفات مختلفة من عقاقير العلاج الكيماوي.
العـلاج
الإشعـاعي
العلاج الإشعاعي
هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing
radiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام،
سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي
الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو
البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي
للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما
يؤدي إلى القضاء عليها.
يُعد
العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )،
حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت
أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة على
مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض الحالات، و بالنسبة لأورام
هودجكن يُستخدم الإشعاع الخارجي، و عند اقتصار المعالجة على منطقة الرقبة و الصدر،
و الغدد الليمفاوية تحت الإبطين، يُسمى بإشعاع المعطف ( mantle )،
و إن أضيفت الغدد الليمفاوية بأعلى التجويف البطني، و الطحال و الغدد الليمفاوية
بمنطقة الحوض، فيسمى بالإشعاع الغُدي الكامل، و بطبيعة الحال و تلافيا لآثار
الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و
الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة.
و قد يتم
استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام
الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما
قد يُستخدم قبل المباشرة بالجراحات فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد
( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو
يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant
therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة
قد تكون متبقية.
و للعلاج
الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم
بشكل عام عن التأثيرات الواقعة على الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و
من هذه التأثيرات: مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و
تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ
بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار
و للتخفيف من حدّتها، و يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على
المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته.
العـلاج
الكيمـاوي{صفحة
العلاج الكيماوي، }
العلاج
الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان،
تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات
الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج من مقدرته على معالجة الأورام
المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة
الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و فعّاليته المتميّزة تعود إلى حقيقة أن الخلايا
السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا
الطبيعية، و قد يتم استخدامه كعلاج منفرد لدى بعض الحالات، أو كجزء من برنامج
علاجي متكامل يتضمن استخدام عدة علاجات مشتركة، و يتم اتخاذ القرار باستخدام هذا
العلاج، بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و
بين خطورة السرطان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه،
إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.
و قد
يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً ( systemic )؛
نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و
مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة
بالعمل الجراحي عند الأورام الصلبة تحضيراً لها، و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه
للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )،
كما قد يُستخدم عقب الجراحة و استئصال الورم؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير
ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج
الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).
و يتم
تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن طريق الفم
على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة:
الحقن في الوريد، الحقن في العضل، الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة
تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل
أخرى للمساعدة على الحقن مثل القسطرات ( catheters )،
التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية
مباشرة إلى السائل الشوكي المُخّي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف
بالحقن الغِمدي، سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي
و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو
عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا
( Ommaya reservoir ).
و من
المعتاد أن تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و
قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم
الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة، و
بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا
السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على
أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر
تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسمـاح للخلايا و الأنسجة
العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقـاقير المختلفة
تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخـلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخـلايا
و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع
العظمي، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد
و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، و التي تتفاوت
في الشدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة علاجية لأخرى حتى
بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل
الجسم حياله.
و هذه
التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا
الدم )، و مضاعفات الفـم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط
الشعر المؤقت، و الإمساك و الإسهال، و الإعيـاء و الغثيان و التقيـؤ و فقدان الشهية،
و تحسس الجلد و البشرة، و من المعتاد تناول أدوية مُساعدة، و اتخاذ بعض التدابير
الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من
حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.
( يُرجى
الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا
العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).
عمليات
زرع نُقى النخـاع العـظمي ( Bone marrow transplant )
النخاع
العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين، المعروف بالنخاع الأحمر، و المتواجد داخل جزء
العظام المسمى بالعظم الإسفنجي، و تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و
هو يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية )،
و خـلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم، و تسمى الخلايا في بداية
التكوين ( الأولية ) بالخلايا الأرومية أو خلايا المنشأ ( Stem cells)،
و هي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة
من الانقسامات التراكمية، و التحولات المتعاقبة بإنتاج خلايا الدم المختلفة (
كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفيحات الدموية ) التي تواصل مراحل النمو و النضج داخل النخاع، و يوجد النخاع العظمي في
كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في
العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، و الأكتاف، و الضلوع، و عظام الحوض، و مفاصل
الذراعين و الرجلين.
و تأتي
الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نقى النخـاع العـظمي ( Bone marrow
transplant )، أو زرع خلايا المنشـأ
( Stem cells transplant ) حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات
السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من
خلايا الدم، أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة،
فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، ( خصوصا عند أورام الدم و الأورام
الليمفاوية، و بعض أنواع الأورام الصلبة )، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة
تؤدي إلى إحباط و تدمير أنسجة النخاع نفسه. و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال
خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة،
قادرة على النمو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم، و المصادر الممكنة، لاستخلاص خلايا
المنشأ و استخدامها للزرع، تشمل النخاع العظمي و الدورة الدموية، سواء من المريض
نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد
الجدد.
و يتم
اللجوء إلى عمليات الزرع عند بعض حالات أورام هودجكن، بالتوازي مع العلاجات
المتلقاة، عندما يصبح الورم مقاوما للعلاج، مما يستدعي ضرورة استخدام الجرعات العلاجية
المكثفة للقضاء على الخلايا السرطانية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تدمير النخاع
العظمي بدرجة حرجة، كما تتم التوصية بالزرع عند عودة الورم قبل انتهاء الدورات
العلاجية أو عقب انتهائها بوقت قصير، بينما يفضل اغلب الأطباء عدم الزرع إن عاد
الورم عقب فترات طويلة و يتم الاكتفاء بدورات علاجية تماثل المعالجات الأولية و
بخطط مختلفة.
و تنقسم
عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي ( Autologous ) حيث تُستخلص هذه الخلايا من دم أو نخاع المريض نفسه، ( و يستخدم هذا
النوع عادة لدى أورام هودجكن )، و الزرع المُثلي أو السُلالي ( Allogeneic )،
أي الزرع من الغير، حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، و يتم اختيار المتبرع المناسب
عقب إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء
( human leukocyte antigens HLA )، و يستهدف هذا التحليل مطابقة الشفرات الوراثية
لبروتينات المولدات المضادة التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة
بتمييز الخلايا الذاتية عن الغريبة، مثل البكتيريا أو الفيروسات، و يعتمد نجاح
الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي
يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و المتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل،
يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.
يعتبر النخاع
المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، و عند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من
نخاع الطفل، و تتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، و
عقب الانتهاء من تلقي العلاجات المكثفة، و التي من شأنها تدمير النخاع، يتم زرع
النخاع المُعالج.
بينما
عند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات
و التحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، و يتم
انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع،
بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، بُغية
القضاء على الخلايا السرطانية، و إحباط الجهاز المناعي إلى أدنى درجة، يتم زرع
خلايا المنشأ المنتقاة بحقنها وريديا.
كما يتم
استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدمـوية، و تُعرف في هذه الحال بخـلايا المنشأ
المُحيطية أو الدوريـة
( peripheral stem cells )، و كمياتها عادة غير كافية للجمع، و يصبح استخدامها
للزرع الذاتي عملياً عند توفر إمكانية حث النخاع العظمي لدى المريض على إفرازها
داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من
الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على
حدة.
و تنطوي
عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة بطبيعة الحال، مثل صعوبة إيجاد المتبرع
المطابق، و المضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي،
و مخـاطر رفض الزرع، و فشل الخـلايا المستزرعة في الاستقرار و التكاثر.
( يُرجى
الانتقال لصفحة زرع نقى النخاع العظمي للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول عمليات
الزرع ).
حول
المعـالجة حسب التصنيف
درجة 1
تعتمد
المعـالجة على التصنيف ضمن درجة ( 1 أ ) أو ( 1 ب )، و على موضع الورم، فإن كان بأعلى
الحجاب الحاجز، و لا يتركز بحيز كبير من الصدر، فقد يتم البدء بالعلاج الكيماوي، و
جرعات منخفضة من العلاج الإشعاعي، أما إن كان بأعلى الحجاب الحاجز، و يتموضع بحيز
كبير من الصدر، فقد يتم استخدام العلاج الكيماوي، يليه إشعاع الصدر فحسب، أو إشعاع
المعطف كاملا.
درجة 2
تعتمد
المعالجة على التصنيف ضمن درجة ( 2 أ ) أو ( 2 ب ) و موضع وجود الورم.
( 2 أ
)
إن كان
موضع الورم بأعلى الحجاب الحاجز، و لا يتركز بحيز كبير من الصدر، فقد يتم استخدام
العلاج الكيماوي، و جرعات منخفضة من العلاج الإشعاعي، أو العلاج الإشعاعي و جرعات
منخفضة من العلاج الكيماوي، أما إن كان بأعلى الحجـاب الحاجز، و يتموضع بحيز كبير
من الصدر، فقد يتم استخدام العلاج الكيماوي، يليه إشعاع الصدر أو إشعاع المعطف
كاملا.
( 2 ب
)
إن كان
موضع الورم بأعلى الحجاب الحاجز، و لا يتركز بحيز كبير من الصدر، فقد يتم استخدام
العلاج الكيماوي، و جرعات منخفضة من العلاج الإشعاعي للمناطق المصابة، أما إن كان
بأعلى الحجاب الحاجز، و يتركز بحيز كبير من الصدر، فقد يتم استخدام العلاج
الكيماوي، يليه إشعاع الصدر أو إشعاع المعطف كاملا.
درجة 3
تعتمد
المعالجة على التصنيف ضمن درجة ( 3 أ ) أو ( 3 ب )، و قد تقتصر الخطة العلاجية على استخدام العلاج الكيماوي منفردا،
أو يستخدم بصفة مشتركة مع العلاج الإشعاعي، عند كلا الفئتين.
درجة 4
قد تقتصر
الخطة العلاجية على استخدام العلاج الكيماوي منفردا، أو بصفة مشتركة مع العلاج
الإشعاعي.
معـالجة
الـورم الراجـع ( Recurrent )
تعتمد
المعالجات عند عودة الورم على موضع ظهوره ثانية، و نوع العلاجات المتلقاة في
السابق، فإن تم استخدام العلاج الإشعاعي بالمعالجات المبدئية دون العلاج الكيماوي،
فمن المعتاد البدء بتلقي العلاج الكيماوي عند رجوع الورم، و إن تم استخدام العلاج
الكيماوي، فقد يتم استخدامه بنفس الأدوية السابقة أو بأدوية كيماوية أخرى، أو
استخدام الإشعاع بالمواضع غير المشععة في السابق، و عند رجوع الورم بأكثر من موضع
فقد يتم تلقي جرعات عالية من العقاقير الكيماوية و إجراء عمليات زرع لنقى النخاع
العظمي.
و في حال
عودة الورم خلال أشهر قليلة من بدء المعالجات الأولية من المعتاد أن تتم التوصية
بإجراء الزرع الذاتي لخلايا المنشأ، بينما يفضل دوما معاودة تلقي العلاج الكيماوي
و بتوليفة مختلفة من العقاقير عند عودة السرطان عقب فترات طويلة من انتهاء
المعالجات الأولية.
عقـب
انتهاء المعـالجات
من
الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية
تقصي أية علامات على عودة أورام هودجكن، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات
الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد
سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على
المزيد من التفاصيل )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق،
التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية المختلفة، و يتم إجراؤها بجدولة زمنية
معينة، و من المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أية
أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة و تحقيق المعالجة
الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.
المراجع
:
PDQ database. Bethesda, Md. National Cancer Institute;
childhood Hodgkin disease. 2004.
http://www.cancer.gov/cancertopics/treatment/childhoodcancers
The Leukemia & Lymphoma Society, The Lymphomas: Hodgkin
Lymphoma ,
http://www.leukemia-lymphoma.org/all_page?item_id=7085
Diehl V, Mauch PM, Harris NL. Hodgkin disease. In: DeVita
VT, Hellman S, Rosenberg SA, eds. Cancer: Principles and Practice of Oncology.
Philadelphia, Pa: Lippincott Williams & Wilkins; 2001..
Diehl V, Stein H, Hummel M, Zollinger R and Connors JM.
Hodgkin Lymphoma: Biology and treatment strategies for primary, refractory, and
relapsed disease. Hematology 2003. American Society of Hematology. Available at
http://www.asheducationbook.org
Nachman J. Pediatric Oncology: Hodgkin’s disease. In: Kufe
DW, Pollock RE, Weichselbaum RR, Bast RC, Gansler TS, Holland JF, Frei E.
Cancer Medicine 6th ed. Hamilton, Ontario: BC Decker; 2003.
- أورام هـودجكن
- Hodgkin's disease
- مقـدمـة
- حول عوامل الخطورة
- حول نشوء أورام هودجكن
- الأعراض و التشخيص
- تصنيف أورام هودجكن
- حول المعـالجات
- العلاج الإشعاعي
- العلاج الكيماوي
- زرع النخاع العظمي
- حول المخططات العـلاجية حسب التصنيف
- عـقب انتهاء المعـالجات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق